للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فِي الْأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى مُسْتَقِيمٍ (٦٧) وقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٥٢)}.

وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا في سورة الزخرف في الكلام على قوله تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣)}.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} استدل به علماء الأصول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يجتهد، والذين قالوا: إنه قد يقع منه الاجتهاد، استدلوا بقوله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} الآية، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} الآية، وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} الآية.

قالوا: فلو لم يكن هذا عن اجتهاد، لما قال: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} الآية، ولما قال: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}.

ولا منافاة بين الآيات؛ لأن قوله: (إن هو إلَّا وحي يوحى) معناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يبلغ عن الله إلَّا شيئًا أوحى الله إليه أن يبلغه، فمن يقول: إنه شعر أو سحر أو كهانة، أو أساطير الأولين، هو أكذب خلق الله وأكفرهم، ولا ينافي ذلك أنَّه أذن للمتخلفين عن غزوة تبوك، وأسر الأسارى يوم بدر، واستغفر لعمه أبي طالب، من غير أن ينزل عليه وحي خاص في ذلك، وقد أوضحنا هذا في غير هذا الموضع.

• قوله تعالى: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى (٥)}.

المراد بشديد القوى في هذه الآية: هو جبريل - عليه السلام -، والمعنى أنَّه - صلى الله عليه وسلم - علمه هذا الوحي ملك شديد القوى هو جبريل.