والدليل على أنه رحيم بالمؤمنين في الدنيا أيضا: أن ذلك هو ظاهر قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً (٤٣)}، لأن صلاته عليهم وصلاة ملائكته، وإخراجه إياهم من الظلمات الى النور رحمة بهم في الدنيا وإن كانت سبب الرحمة في الآخرة أيضا، وكذلك قوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيق مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ (١١٧)} فانه جاء فيه بالباء المتعلقة بالرحيم الجار للضمير الواقع على النبي - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين والأنصار، وتوبته عليهم رحمة في الدنيا وإن كانت سبب رحمة الآخرة أيضا. والعلم عند الله تعالى.
• وقوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)} لم يبينه هنا. وبينه في قوله: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٨) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً} الآية. والمراد بالدين في الآية: الجزاء. ومنه قوله تعالى:{يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} أي جزاء أعمالهم بالعدل.
• قوله تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ} أشار في هذه الآية الكريمة إلى تحقيق معنى لا إله إلا الله، لأن معناها مركب من أمرين: نفي وإثبات. فالنفي: خلع جميع المعبودات. غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات، والإثبات: إفراد رب السموات والأرض وحده بجميع أنواع العبادات على الوجه المشروع.
وقد أشار إلى النفي من لا إله إلا الله بتقديم المعمول الذي هو "إِيَّاكَ" وقد تقرر في الأصول، في مبحث دليل الخطاب الذي