وقوله تعالى: {وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)} إلى غير ذلك من الآيات، كما قدمنا ذلك.
وفرق بعض أهل العلم بين الظلم والهضم: بأن الظلم المنع من الحق كله. والهضم: النقص والمنع من بعض الحق. فكل ظلم هضم، ولا ينعكس. ومن إطلاق الهضم على ما ذكر قول المتوكل الليثي:
إن الأذلة واللئام لمعشر ... مولاهم المُتَهضَّم المظلوم
فالمتهضَّم: اسم مفعول تهضمه إذا اهتضمه في بعض حقوقه وظلمه فيها. وقرأ هذا الحرف عامة السبعة ماعدا ابن كثير {فَلَا يَخَافُ} بضم الفاء وبألف بعد الخاء مرفوعًا ولا نافية؛ أي فهو لا يخاف، أو فإنه لا يخاف. وقرأه ابن كثير "فلا يَخَفْ" بالجزم من غير ألف بعد الخاء. وعليه فـ"لا" ناهية جازمة للمضارع. وقول القرطبي في تفسيره: إنه على قراءة ابن كثير مجزوم؛ لأنه جواب لقوله:{وَمَن يعمَل}؛ غلط منه رحمه الله؛ لأن الفاء في قوله:(فلا يخف) مانعة من ذلك. والتحقيق هو ما ذكرنا من أن "لا" ناهية على قراءة ابن كثير، والجملة الطلبية جزاء الشرط، فيلزم اقترانها بالفاء؛ لأنها لا تصلح فعلًا للشرط كما قدمناه مرارًا.
وقوله تعالى:{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} الآية. قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة "الكهف" فأغنى ذلك عن إعادته هنا.