السياق في يوم القيامة، وكل الخلائق تظهر عليهم في ذلك اليوم علامات الذل والخضوع لله جل وعلا.
وقوله في هذه الآية:{وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} قال بعض العلماء: أي خسر من حمل شركًا. وتدل لهذا القول الآيات القرآنية الدالة على تسمية الشرك ظلمًا، كقوله:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}، وقوله: {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤)} وقوله: {وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٦)}، وقوله:{الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات. والأظهر أن الظلم في قوله:{وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} يعم الشرك وغيره من المعاصي. وخيبة كل ظالم بقدر ما حمل من الظلم، والعلم عند الله تعالى.
وقوله في هذه الآية الكريمة:{لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ} الحي: المتصف بالحياة الذي لا يموت أبدًا. والقيوم صيغة مبالغة، لأنه جل وعلا هو القائم بتدبير شئون جميع الخلق. وهو القائم على كل نفس بما كسبت. وقيل: القيوم الدائم الذي لا يزول.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من يعمل من الصالحات وهو مؤمن بربه فإنه لا يخاف ظلمًا ولا هضمًا. وقد بين هذا المعنى في غير هذا الموضع؛ كقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَال ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا (٤٠)}، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٤)}،