قوله: {وَلِيَ دِينِ (٦)} ونظير ذلك قول إبراهيم الخليل -وأتباعه- لقومه:{إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية.
وبين تعالى في موضع آخر أن اعتزال الكفار والأوثان والبراءة منهم؛ من فوائده تفضل الله تعالى بالذرية الطيبة الصالحة، وهو قوله في "مريم": {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} إلى قوله: {عَلِيًّا (٥٠)}.
وقال ابن زيد وغيره، إن آية:{وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي} الآية منسوخة بآيات السيف.
والظاهر أن معناها محكم: لأن البراءة إلى الله من عمل السوء لاشك في بقاء مشروعيتها.
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا حشروا استقلوا مدة مكثهم في دار الدنيا، حتى كأنها قدر ساعة عندهم، وبين هذا المعنى في مواضع أخر، كقوله في آخر "الأحقاف": {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَار} الآية، وقوله في آخر "النازعات" {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (٤٦)} وقوله في آخر "الروم": {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ} الآية.
وقد بينا بإيضاح في كتابنا [دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب] وجه الجمع بين هذه الآيات المقتضية أن الدنيا عندهم كساعة، وبين الآيات المقتضية أنها عندهم كأكثر من ذلك، كقوله تعالى: {يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا (١٠٣)} وقوله: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا