للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه الآيات وأمثالها رد على الكفار في قولهم: {لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ}.

• قوله تعالى: {أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ (٢)} الأظهر في "أن" من قوله: {أَنْ أَنْذِرُوا} أنها هي المفسرة؛ لأن إنزال الملائكة بالروح -أي بالوحي- فيه معنى القول دون حروفه، فيكون المعنى: أن الوحي الذي أنزلت به الملائكة مفسر بإنذار الناس بـ "لا إله إلا الله" وأمرهم بتقواه.

وقد أوضح جل وعلا هذا المعنى في آيات كثيرة، كقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (٢٥)} وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} وقوله: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)} وقوله: {قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٨)} إلى غير ذلك من الآيات. وقد قدمنا معنى الإنذار، ومعنى التقوى.

• قوله تعالى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣)}.

بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة أنه هو خالق السموات والأرض، وأن من يخلق هذه المخلوقات العظيمة يتنزه ويتعاظم أن يعبد معه مالا يخلق شيئًا، ولا يملك لنفسه شيئًا. فالآية تدل على أن من يبرز الخلائق من العدم إلى الوجود، لا يصح أن يعبد معه من لا يقدر على شيء، ولهذا أتبع قوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} بقوله: {تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣)}.