بقوله:{مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ} ولا إشكال في ذلك. هذا هو الذي ظهر لنا صوابه. وأقرب الأوجه التي ذكرها العلماء بعد هذا عندي قول من قال: إن الموعد في الآية مصدر، وعليه فـ {لَا نُخْلِفُهُ} راجع للمصدر، و {مَكَانًا} منصوب بفعل دل عليه الموعد؛ أي عِدْنا مكانًا سوى. ونَصبُ المكان بأنه مفعول المصدر الذي هو {مَوْعِدًا} أو أحد مفعولي {فَاجْعَلْ} غيرُ صواب فيما يظهر لي والله تعالى أعلم.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{مَكَانًا سُوًى} قرأه ابن عامر وعاصم وحمزة {سُوًى (٥٨)} بضم السين والباقون بكسرها. ومعنى القراءتين واحد كما تقدم.
قوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ} قال بعض العلماء: معنى {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ} انصرف مُدْبرًا من ذلك المقام ليهيئ ما يحتاج إليه مما تواعد عليه هو وموسى. ويدل لهذا الوجه قوله تعالى في سورة "النازعات" في القصة بعينها: {ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣)} وقوله: {فَحَشَرَ} أي جمع السحرة.
وقال بعض العلماء: معنى قوله: {فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ} أي: أعرض عن الحق الذي جاءه به موسى. ومن معنى هذا الوجه قوله تعالى: {إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَينَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٤٨)}.
وقوله تعالى:{فَجَمَعَ كَيدَهُ} الظاهر أن المراد بـ {كَيدَهُ} ما جمعه من السِّحْر ليغلب به موسى في زعمه. وعليه فالمراد