التحقيق إن شاء الله، أن هذه الآية الكريمة جارية على أسلوب عربي معروف، وهو إطلاق المِثْل على الذات نفسها، كقولهم: مثلك لا يفعل هذا، يعنون لا ينبغي لك أنت أن تفعله.
وعلى هذا المعنى: وشهد شاهد من بني إسرائيل على أن هذا القرآن وحي منزلٌ حقًّا من عند الله، لا أنَّه شهد على شيء آخر مماثل له، ولذا قال تعالى:{فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ}.
ومما يوضح هذا، تكرر إطلاق المثل في القرآن مرادًا به الذات، كقوله تعالى:{أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} الآية، فقوله:(كمن مثله في الظلمات)، أي كمن هو نفسه في الظلمات، وقوله تعالى:{فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا} أي فإن آمنوا بما آمنتم به، لا بشيء آخر مماثل له، على التحقيق.
ويستأنس له بالقراءة المروية عن ابن عباس وابن مسعود:(فإن آمنوا بما آمنتم به) الآية.
والقول بأن لفظة (ما) في الآية مصدرية، وأن المراد تشبيه الإِيمان بالإِيمان، أي: فإن آمنوا مثل إيمانكم فقد اهتدوا، لا يخفى بُعْدُه.