للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان أصل التوبيخ والتقريع على فاحشة اللواط؛ لأن أول الكلام: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ} فإنه وبخهم على أمرين:

أحدهما: إتيان الذكور. والثاني: ترك ما خلق لهم ربهم من أزواجهم.

وقد دلت الآيات المتقدمة على أن ما خلق لهم من أزواجهم هو الكائن من أنفسهم، أي: من نوعهم وشكلهم، كقوله: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} وقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا} الآية، فيفيد أنه لم يجعل لهم أزواجًا من غير أنفسهم، والعلم عند الله تعالى.

• قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٧٣)} ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار يعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقًا من السماوات بإنزال المطر، ولا من الأرض بإنبات النبات، وأكد عجز معبوداتهم عن ذلك بأنهم لا يستطيعون، أي: لا يملكون أن يرزقوا. والاستطاعة منفية عنهم أصلًا؛ لأنهم جماد ليس فيه قابلية استطاعة شيء.

ويفهم من الآية الكريمة: أنه لا يصح أن يعبد إلا من يرزق الخلق؛ لأن أكلهم رزقه، وعبادتهم غيره كفر ظاهر لكل عاقل. وهذا المعنى المفهوم من هذه الآية الكريمة بينه جل وعلا في مواضع أخر، كقوله: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (١٧)}