كقوله تعالى:{قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا} وقوله: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على عموم رسالته لأهل كل لسان، فهو - صلى الله عليه وسلم - يجب عليه إبلاغ أهل كل لسان، وقد قدمنا في سورة البقرة قول ابن عبَّاس رضي الله عنهما:"إن الله فضل محمدًا - صلى الله عليه وسلم - على الأنبياء وعلى أهل السماء فقالوا: بم يا ابن عبَّاس فضله على أهل السماء؟ فقال: إن الله تعالى قال: {وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٢٩)} وقال لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا (١) لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّر} قالوا: فما فضله على الأنبياء؟ قال: قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} وقال الله عَزَّ وَجَلَّ لمحمد - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} فأرسله إلى الجن والإنس" ذكره أَبو محمد الدارمي في مسنده كما تقدم، وهو تفسير من ابن عبَّاس للآية بما ذكرنا. والعلم عند الله تعالى.
اختلف العلماء في معنى هذه الآية الكريمة، فقال بعض العلماء: معناها أن أولئك الكفار جعلوا أيدي أنفسهم في أفواههم؛ ليعضوا عليها غيظًا وحنقًا لما جاءت به الرسل، إذ كان فيه تسفيه أحلامهم وشتم أصنامهم، وممن قال بهذا القول عبدِ الله بنُ مسعود، وعبد الرحمن بنُ زيد بنُ أسلم، واختاره ابن جرير، واستدل له بقوله تعالى:{وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} الآية. وهذا