الله تعالى، وتَقَبُّله له فضل منه. فالفعل الذي هو سبب لدخول الجنة هو الذي تقبله الله بفضله، وغيره من الأعمال لا يكون سببًا لدخول الجنة. وللجمع بين الحديث والآيات المذكورة أوجه أخر، هذا أظهرها عندي. والعلم عند الله تعالى. وقد قدمنا أن "النزل" هو ما يهيأ من الإكرام للضيف أو القادم.
أي: خالدين في جنات الفردوس {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (١٠٨)} أي: تحولًا إلى منزل آخر؛ لأنها لا يوجد منزل أحسن منها يرغب في التحول إليه عنها، بل هم خالدون فيها دائمًا من غير تحول ولا انتقال. وهذا المعنى المذكور هنا جاء موضحًا في مواضع أخر، كقوله:{الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ} أي الإقامة أبدًا، وقوله: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣)} وقوله: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (٥٤)}، وقوله: {عَطَاءً غَيرَ مَجْذُوذٍ (١٠٨)}، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على دوامهم فيها، ودوام نعيمها لهم. والحِوَل: اسم مصدر بمعنى التحول.
أمر جل وعلا نبيه - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية الكريمة: أن يقول: {لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي} أي لو كان ماء البحر مدادًا للأقلام التي تكتب بها كلمات الله {لَنَفِدَ الْبَحْرُ} أي فرغ وانتهى قبل أن تنفد كلمات ربي {وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩)} أي ببحر آخر مثله مددًا، أي زيادة عليه. وقوله: {مَدَدًا (١٠٩)} منصوب على التمييز، ويصح