وعلى كل حال، فالآية تدل على خطاب الكفار بفروع الإِسلام. أعني امتثال أوامره واجتناب نواهيه.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من كونهم مخاطبين بذلك، وأنهم يعذبون على الكفر، ويعذبون على المعاصي، جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى عنهم مقررًا له: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (٤٧)}.
فصرح تعالى عنهم، مقررًا له، أن من الأسباب التي سلكتهم في سقر، أي أدخلتهم النار، عدم الصلاة، وعدم إطعام المسكين، وعَدَّ ذلك مع الكفر بسبب التكذيب بيوم الدين.
ونظير ذلك قوله تعالى: {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}، ثم بين سبب ذلك فقال: {إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ (٣٥) وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦)} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
الأجر جزاء العمل، وجزاء عمل الذين آمنوا وعملوا الصالحات هو نعيم الجنة، وذلك الجزاء (غير ممنون) أي غير مقطوع، فالممنون اسم مفعول مَنَّهُ بمعنى قطعه، ومنه قول لبيد بن ربيعة في معلقته:
لمعفر فهدٍ تنازع شِلْوَهُ ... غُبْسٌ كواسِبُ ما يمن طعامها