فقد بين أن عدتهن ثلاثة أشهر في قوله:{وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}.
• قوله تعالى:{ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} فيه إجمال؛ لأن القرء يطلق لغة على الحيض، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "دعي الصلاة أيام أقرائك". ويطلق القرء لغة أيضا على الطهر، ومنه قول الأعشى:
أفي كل يوم أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا
مورثة مالا وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا
ومعلوم أن القرء الذي يضيع على الغازي من نسائه هو الطهر دون الحيض.
وقد اختلف العلماء في المراد بالقروء في هذه الآية الكريمة، هل هو الأطهار، أو الحيضات؛. وسبب الخلاف اشتراك القرء بين الطهر والحيض كما ذكرنا، وممن ذهب إلى أن المراد بالقرء في الآية الطهر، مالك، والشافعي، وأم المؤمنين عائشة، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر، والفقهاء السبعة، وأبان بن عثمان، والزهري وعامة فقهاء المدينة، وهو رواية عن أحمد، وممن قال بأن القروء الحيضات: الخلفاء الراشدون الأربعة، وابن مسعود، وأبو موسى، وعبادة بن الصامت، وأبو الدرداء، وابن عباس، ومعاذ بن جبل، وجماعة من التابعين وغيرهم، وهو الرواية الصحيحة عن أحمد.
واحتج كل من الفريقين بكتاب وسنة، وقد ذكرنا في ترجمة هذا الكتاب أننا في مثل ذلك نرجح ما يظهر لنا أن دليله أرجح.