للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع قوله: {فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ (٣٧)} فلا يقال: كيف يقول: إن الإنسان خُلِق من العجل وجُبِل عليه، ثم ينهاه عما خلق منه وجُبِل عليه؛ لأنه تكليف بمحال!؟ لأنا نقول: نعم هو جُبِل على العجل، ولكن في استطاعته أن يلزم نفسه بالتأني؛ كما أنه جُبِل على حب الشهوات مع أنه في استطاعته أن يلزم نفسه بالكف عنها؛ كما قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)}.

• قوله تعالى: {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٤١)}.

في هذه الآية الكريمة تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - بأن إخوانه من الرسل الكرام صلوات الله وسلامه عليهم استهزأ بهم الكفار، كما استهزءوا به - صلى الله عليه وسلم -. يعني: فاصبر كما صبروا، ولك العاقبة الحميدة، والنصر النهائي كما كان لهم. وما تضمنته هذه الآية الكريمة من ذلك جاء موضحًا في مواضع من كتاب الله؛ كقوله تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ}، وقوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} الآية , وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤)} , وقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (٢٥) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيفَ كَانَ نَكِيرِ (٢٦) وقوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤)} والآيات بمثل ذلك كثيرة.

وقوله في هذه الآية الكريمة: {فَحَاقَ بِالَّذِينَ} أي أحاط