للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}.

صيغة الأمر في هذه الآية الكريمة تدل على وجوب الإِيفاء بالنذر، كما قدمنا مرارًا أن صيغة الأمر تقتضي الوجوب، على الأصح إلَّا لدليل صارف عنه.

ومما يدل من القرآن على لزوم الإِيفاء بالنذر أنه تعالى أشار إلى أنه هو، والخوف من أهوال يوم القيامة من أسباب الشرب من الكأس الممزوجة بالكافور في قوله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦)} ثم أشار إلى بعض أسباب ذلك فقال: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧)} فالوفاء بالنذر ممدوح على كل حال، وإن كانت آية الإِنسان ليست صريحة في وجوبه، وكذلك قوله في سورة البقرة: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ} الآية. وقد بينا في ترجمة هذا الكتاب المبارك أن البيان بالقرآن إن لم يكن وافيًا بالمقصود أتممناه بالبيان بالسنَّة. ولذلك سنبين هنا ما تقتضيه السنَّة من النذر الذي يجب الإِيفاء به، والذي لا يجب الإِيفاء به.

اعلم أولًا: أن الأمر المنذور له في الجملة حالتان:

الأولى: أن يكون فيه طاعة للَّه.

والثانية: ألا يكون فيه طاعة للَّه، وهذا الأخير منقسم إلى قسمين:

أحدهما: ما هو معصية للَّه.

والثاني: ما ليس فيه معصية في ذاته، ولكنه ليس من جنس الطاعة، كالمباح الذي لم يؤمر به.