بين الله تعالى في هذه الآية الكريمة ثناء هؤلاء النسوة على يوسف بهذه الصفات الحميدة فيما بينهن، ثم بين اعترافهن بذلك عند سؤال الملك لهن أمام الناس في قوله:{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ} الآية.
لم يبين هنا هذا الذي أجمعوا أمرهم عليه، ولم يبين هنا أيضًا المراد بمكرهم؛ ولكنه بين في أول هذه السورة الكريمة أن الذي أجمعوا أمرهم عليه هو في غيابة الجب، وأن مكرهم هو ما فعلوه بأبيهمِ يعقوب وأخيهم يوسف؛ وذلك في قوله:{فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ} -إلى قوله- {وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (١٨)}.
وقد أشار تعالى في هذه الآية الكريمة إلى صحة نبوة نبينا - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه أنزل عليه هذا القرآن، وفصل له هذه القصة، مع أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يكن حاضرًا لدى أولاد يعقوب حين أجمعوا أمرهم على المكر به، وجعله في غيابة الجب، فلولا أن الله أوحى إليه ذلك ما عرفه من تلقاء نفسه.