وأجابوا عن حجة أهل القول الأول بأن تغليب الذكور على الإناث في الجمع ليس محل نزاع، وإنما النزاع في الذي يتبادر من الجمع المذكر ونحوه عند الإطلاق، وعن الآيات بأن دخول الإناث فيها إنما علم من قرينة السياق ودلالة اللفظ، ودخولهن في حالة الاقتران بما يدل على ذلك لا نزاع فيه. وعلى هذا القول فمريم غير داخلة في الآية، وإلى هذا الخلاف أشار في مراقي السعود بقوله:
وما شمول من للانثى جنف ... وفي شبيه المسلمين اختلفوا
• وقوله: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧)} قال جماهير من علماء التفسير "الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" اليهود "الضالون" النصارى. وقد جاء الخبر بذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه. واليهود والنصارى وإن كانوا ضالين جميعا مغضوبا عليهم جميعا، فإن الغضب إنما خص به اليهود، وإن شاركهم النصارى فيه، لأنهم يعرفون الحق وينكرونه، ويأتون الباطل عمدا، فكان الغضب أخص صفاتهم، والنصارى جهلة لا يعرفون الحق، فكان الضلال أخص صفاتهم.
وعلى هذا فقد يبين أن "الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" اليهود قوله تعالى فيهم: {فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ} الآية، وقوله فيهم أيضا:{هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} الآية، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَب} الآية-.
وقد يبين أن الضَّالِّينَ النصارى، قوله تعالى:{وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}.