• قوله تعالى: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨)} هذه الآية الكريمة تدل على أن الله جل وعلا الذي أحاط علمه بكل موجود ومعدوم، يعلم المعدوم الذي سبق في الأزل أنه لا يكون لو وجد كيف يكون؛ لأنه يعلم أن رد الكفار يوم القيامة إلى الدنيا مرة أخرى لا يكون، ويعلم هذا الرد الذي لا يكون لو وقع كيف يكون، كما صرح به لقوله: {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٢٨)} وهذا المعنى جاء مصرحاً به في آيات أخر، فمن ذلك أنه تعالى سبق في علمه أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك لا يخرجون إليها معه - صلى الله عليه وسلم - والله ثبطهم عنها لحكمة، كما صرح به في قوله:{وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} الآية، وهو يعلم هذا الخروج الذي لا يكون لو وقع كيف يكون، كما صرح به تعالى في قوله:{لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً} الآية ومن الآيات الدالة على المعنى المذكور قوله تعالى: {وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٥)} إلى غير ذلك من الآيات.
• قوله تعالى:{قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ} الآية، صرح تعالى في هذه الآية الكريمة بأنه يعلم أن رسوله - صلى الله عليه وسلم - يحزنه ما يقوله الكفار من تكذيبه - صلى الله عليه وسلم -، وقد نهاه تعالى عن هذا الحزن المفرط في مواضع أخر كقوله:{فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ} الآية، وقوله: {فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٦٨)} وقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (٦)} وقوله: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٣)} والباخع: هو المهلك نفسه، ومنه قول غيلان بن عقبة: