بحرها، وكانت على إبراهيم بردًا وسلامًا لما قال لها خالقها: {يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ (٦٩)} فسبحان من لا يقع شيء كائنًا ما كان إلا بمشيئته جل وعلا، فعال لما يريد.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {يَذَّكَّرُونَ (١٣)} أصله يتذكرون، فأدغمت التاء في الذال. والإذكار: الاعتبار والاتعاظ.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه سخر البحر؛ أي: ذلّله لعباده حتى تمكنوا من ركوبه، والانتفاع بما فيه من الصيد والحلية، وبلوغ الأقطار التي تحول دونها البحار، للحصول على أرباح التجارات ونحو ذلك.
فتسخير البحر للركوب من أعظم آيات الله؛ كما بينه في مواضع أخر؛ كقوله: {وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (٤١) وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ (٤٢)} وقوله: {اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢)} إلى غير ذلك من الآيات.
وذكر في هذه الآية أربع نعم من نعمه على خلقه بتسخير البحر لهم:
الأولى: قوله: {لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا} وكرر الامتنان بهذه النعمة في القرآن؛ كقوله: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ