للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النون، وضمير الفاعل الذي هو الواو عائد إلى الذين بعثهم الله عليهم؛ ليسوءوا وجوههم بأنواع العذاب والقتل.

• قوله تعالى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} لما بين جل وعلا أن بني إسرائيل قضى إليهم في الكتاب أنهم يفسدون في الأرض مرتين، وأنه إذا جاء وعد الأولى منهما: بعث عليهم عبادًا له أولى بأس شديد فاحتلوا بلادهم وعذبوهم، وأنه إذا جاء وعد المرة الآخرة: بعث عليهم قومًا ليسوءوا وجوههم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة، وليتبروا ما علوا تتبيرًا.

وبين أيضًا: أنهم إن عادوا للإفساد المرة الثالثة فإنه جل وعلا يعود للانتقام منهم بتسليط أعدائهم عليهم، وذلك في قوله تعالى: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} ولم يبين هنا: هل عادوا للإفساد المرة الثالثة، أو لا؟ ولكنه أشار في آيات أخر إلى أنهم عادوا للإفساد بتكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكتم صفاته ونقض عهوده، ومظاهرة عدوه عليه، إلى غير ذلك من أفعالهم القبيحة، فعاد الله جل وعلا للانتقام منهم تصديقًا لقوله: {وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا} فسلط عليهم نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين، فجرى على بني قريظة، والنضير، وبني قينقاع، وخيبر ما جرى من القتل والسبي والإجلاء، وضرب الجزية على من بقي منهم، وضرب الذلة والمسكنة.

فمن الآيات الدالة على أنهم عادوا للإفساد قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ (٨٩) بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ