قوله:{وَعَنَتِ} أي: ذلَّت وخضعت؛ تقول العرب: عنا يعنو عنوًا أو عناء: إذ ذلَّ وخضع وخشع؛ ومنه قيل للأسير: عان؛ لذله وخضوعه لمن أسره. ومنه قول أمية بن أبي الصلت الثقفي:
مليك على عرش السماء مهيمن ... لعزته تعنو الوجوه وتسجد
وقوله أيضًا:
وعنا له وجهي وخلقي كله ... في الساجدين لوجهه مشكورا
واعلم أن العلماء اختلفوا في هذه الآية الكريمة، فقال بعضهم: المراد بالوجوه التي ذلت وخشعت للحي القيوم: وجوه العصاة خاصة وذلك يوم القيامة؛ وأسند الذل والخشوع لوجوههم؛ لأن الوجه تظهر فيه آثار الذل والخشوع. ومما يدل على هذا المعنى من الآيات القرآنية قوله تعالى:{فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} الآية، وقوله: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥)}، وقوله تعالى: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (٢) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (٣) تَصْلَى نَارًا حَامِيَةً} وعلى هذا القول اقتصر الزمخشري واستدل له ببعض الآيات المذكورة.
وقال بعض العلماء {وَعَنَتِ الْوُجُوهُ}: أي ذلت وخضعت وجوه المؤمنين لله في دار الدنيا، وذلك بالسجود والركوع. وظاهر القرآن يدل على أن المراد الذل والخضوع لله يوم القيامة؛ لأن