الأول: أن المراد به القديم؛ لأنه أقدم مواضع التعبد.
الثاني: أن الله أعتقه من الجبابرة.
الثالث: أن المراد بالعتق فيه الكرم.
والعرب تسمي القديم عتيقًا وعاتقًا. ومنه قول حسان رضي الله عنه:
كالمسك تخلطه بماء سحابة ... أو عاتق كدم الذبيح مدام
لأن مراده بالعاتق الخمر القديمة التي طال مكثها في دنها زمنًا طويلًا، وتسمى الكرم عتقًا. ومنه قول كعب بن زهير:
قنواء في حرتيها للبصير بها ... عتق مبين وفي الخدين تسهيل
فقوله: عتق مبين، أي: كرم ظاهر. ومنه قول المتنبي:
ويبين عتق الخيل في أصواتها
أي: كرمها، والعتق من الجبابرة كالعتق من الرق، وهو معروف.
وإذا علمت ذلك فاعلم أنه قد دلت آية من كتاب الله على أن العتيق في الآية بمعنى القديم الأول، وهي قوله تعالى:{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} الآية، مع أن المعنيين الآخرين كلاهما حق، ولكن القرآن دل على ما ذكرنا. وخير ما يفسر به القرآن القرآن.