للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)}.

في المراد بالعتيق هنا للعلماء ثلاثة أقوال:

الأول: أن المراد به القديم؛ لأنه أقدم مواضع التعبد.

الثاني: أن الله أعتقه من الجبابرة.

الثالث: أن المراد بالعتق فيه الكرم.

والعرب تسمي القديم عتيقًا وعاتقًا. ومنه قول حسان رضي الله عنه:

كالمسك تخلطه بماء سحابة ... أو عاتق كدم الذبيح مدام

لأن مراده بالعاتق الخمر القديمة التي طال مكثها في دنها زمنًا طويلًا، وتسمى الكرم عتقًا. ومنه قول كعب بن زهير:

قنواء في حرتيها للبصير بها ... عتق مبين وفي الخدين تسهيل

فقوله: عتق مبين، أي: كرم ظاهر. ومنه قول المتنبي:

ويبين عتق الخيل في أصواتها

أي: كرمها، والعتق من الجبابرة كالعتق من الرق، وهو معروف.

وإذا علمت ذلك فاعلم أنه قد دلت آية من كتاب الله على أن العتيق في الآية بمعنى القديم الأول، وهي قوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا} الآية، مع أن المعنيين الآخرين كلاهما حق، ولكن القرآن دل على ما ذكرنا. وخير ما يفسر به القرآن القرآن.