أظهر الأقوال في هذه الآية الكريمة أن المراد بالقوم الأمة، والمراد بالهادي الرسول، كما يدل له قوله تعالى:{وَلِكُلِّ أُمَّةٍ رَسُولٌ} الآية، وقوله: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (٢٤)} وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا} الآية. وقد أوضحنا أقوال العلماء وأدلتها في هذه الآية الكريمة في كتابنا [دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب].
• قوله تعالى:{اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى} الآية. لفظة -ما- في هذه الآية يحتمل أن تكون موصولة والعائد محذوف، أي: يعلم الذي تحمله كل أنثى، وعلى هذا فالمعنى: يعلم ما تحمله من الولد على أي حال هو من ذكورة، وأنوثة، وخداج، وحسن، وقبح، وطول وقصر، وسعادة، وشقاوة إلى غير ذلك من الأحوال.
وقد دلت على هذا المعنى آيات من كتاب الله، كقوله:{وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ}؛ لأن ما فيه موصولة بلا نزاع، وكقوله:{هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ} وقوله: {هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} الآية.
ويحتمل أيضًا: أن تكون لفظة -ما- في هذه الآية الكريمة مصدرية، أي يعلم حمل كل أنثى بالمعنى المصدري، وقد جاءت آيات تدل أيضًا على هذا المعنى، كقوله:{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ} وقوله: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا