فقد قدمنا الآيات الموضحة لهذه الآية في سورة يونس في الكلام على قوله تعالى: {فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُرًا مِنْ قَبْلِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦)} الآية، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
"أم" المذكورة في هذه الآية هي المعروفة عند النحويين بأم المنقطعة. وضابطها إلا تتقدم عليها همزة تسوية نحو {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} الآية، أو همزة مغنية عن لفظة، أي: كقولك أزيد عندك، أم عمرو؟ أي: أيهما عندك، فالمسبوقة بإحدى الهمزتين المذكورتين هي المعروفة عندهم بأم المتصلة، والتي لم تسبق بواحدة منهما هي المعروفة بالمنقطعة كما هنا. وأم المنقطعة تأتي لثلاثة معان:
الأول: أن تكون بمعنى بل الإِضرابية.
الثاني: أن تكون بمعنى همزة استفهام الإنكار.
الثالث: أن تكون بمعناهما معًا، فتكون جامعة بين الإِضراب والإِنكار، وهذا الأخير هو الأكثر في معناها خلافًا لابن مالك في الخلاصة في اقتصاره على أنها بمعنى بل في قوله:
وبانقطاع، وبمعنى بل وفت ... إن تك مما قيدت به خلت
ومراده بخلوها مما قيدت به ألا تسبقها إحدى الهمزتين المذكورتين، فإن سبقتها إحداهما، فهي المتصلة كما تقدم قريبًا.