بالتي هي أحسن، وذلك في قوله:{وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وقوله: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} وبين له أنهم لا يأتونه بمثل ليحتجوا عليه به بالباطل إلَّا جاءه الله بالحق الذي يدمغ ذلك الباطل، مع كونه أحسن تفسيرًا كشفًا وإيضاحًا للحقائق. وذلك في قوله: {وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (٣٣)}.
أي: ما عظموه حق عظمته حين عبدوا معه من لا يقدر على خلق ذباب، وهو عاجز أن يسترد من الذباب ما سلبه الذباب منه، كالطيب الذي يجعلونه على أصنامهم، إن سلبها الذباب منه شيئًا لا تقدر على استنقاذه منه. وكونهم لم يعظموا الله حق عظمته، ولم يعرفوه حق معرفته، حيث عبدوا معه من لا يقدر على جلب نفع، ولا دفع ضر. ذكره تعالى في غير هذا الموضع، كقوله في الأنعام:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} وكقوله في الزمر: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)}.
بين الله جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه يصطفي، أي: يختار رسلًا من الملائكة، ومن الناس، فرسل الناس لإِبلاع الوحي، ورسل الملائكة لذلك أيضًا، وقد يرسلهم لغيره. وهذا الذي ذكره هنا