وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم من طريق خالد بن دريك، عن رجل من الصحابة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من يقل عليّ ما لم أقل، أو ادعى إلى غير والديه، أو انتمى إلى غير مواليه، فليتبوأ بين عيني جنهم مقعدًا قيل: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهل لها من عينين؟ قال: نعم، أما سمعتم الله يقول: إذا رأتهم من مكان بعيد" إلى آخر كلامه. وفيه شدة هول النار، وأنها تزفر زفرة يخاف منها جميع الخلائق.
نرجو الله جلَّ وعلا أن يعيذنا وإخواننا المسلمين منها، ومن كل ما قرب إليها من قول وعمل.
ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أهل النار إذا ألقوا، أي: طرحوا في مكان ضيق من النار، في حال كونهم مقرنين، دعوا هنالك، أي: في ذلك المكان الضيق ثبورًا، فيقال لهم: لا تدعوا ثبورًا واحدًا، وادعوا ثبورًا كثيرًا، فقوله: مكانًا منصوب على الظرف، كما قال أبو حيان في البحر المحيط.
وما ذكره هنا من أنهم يلقون في مكان ضيق من النار، جاء مذكورًا أيضًا في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا هُمْ أَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ (١٩) عَلَيْهِمْ نَارٌ مُؤْصَدَةٌ (٢٠)} ومعنى مؤصدة في الموضعين بهمز، وبغير همز: مطبقة أبوابها، مغلقة عليهم كما أوضحناه بشواهده العربية في سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى: