للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَكَلْبُهُمْ بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ} ومن كان في مكان مطبق مغلق عليه، فهو في مكان ضيق. والعياذ باللَّه. وقد ذكر أن الواحد منهم يجعل في محله من النار بشدة كما يدق الوتد في الحائط. وعن ابن مسعود: أن جهنم تضيق على الكافر كتضييق الزج على الرمح. والزج بالضم: الحديدة التي في أسفل الرمح.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: مقرنين، أي: في الأصفاد بدليل قوله تعالى في سورة إبراهيم: {وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ (٤٩)} والأصفاد القيود. والأظهر أن معنى مقرنين: أن الكفار يقرن بعضهم إلى بعض في الأصفاد والسلاسل. وقال بعض أهل العلم: كل كافو يقرن هو وشيطانه، وقد قال تعالى: {حَتَّى إِذَا جَاءَنَا قَالَ يَالَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ (٣٨)}.

وهذا أظهر من قول من قال: مقرنين مكتفين، ومن قول من قال: مقرنين، أي: قرنت أيديهم إلى أعناقهم في الأغلال. والثبور: الهلاك والويل والخسران.

وقال ابن كثير: والأظهر أن الثبور يجمع الخسار والهلاك والويل والدمار. كما قال موسى لفرعون: {وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا (١٠٢)} أي: هالكًا، قال عبد الله بن الزبعري السهمي:

إذ أجاري الشيطان في سنن الغـ ... ـيِّ ومن مال ميله مثبور. اهـ

وقال الجوهري في صحاحه: والثبور الهلاك والخسران أيضًا، قال الكميت:

ورأت قضاعة في الأيا ... من رأي مثبور وثابر

أي: مخسور وخاسر، يعني في انتسابها لليمن. اهـ منه.