وقوله تعالى: {دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (١٣)}، معنى دعائهم الثبور هو قولهم: واثبوراه. يعنون: يا ويل، ويا هلاك تعال، فهذا حينك وزمانك.
وقال الزمخشري: ومعنى وادعوا ثبورًا كثيرًا أنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم فيه واحدًا، إنما هو ثبور كثير، إما لأن العذاب أنواع وألوان، كل نوع منها ثبور، لشدته وفظاعته، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلوا غيرها، فلا غاية لهلاكهم. اهـ.
تنبيه
اعلم أنه تعالى في هذه الآية الكريمة قال:{مَكَانًا ضَيِّقًا} وكذلك في الأنعام في قوله تعالى: {يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا} وقال في هود: {وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} فما وجه التعبير في سورة هود، بقوله: ضائق على وزن فاعل، وفي الفرقان والأنعام بقوله: ضيقًا على وزن فيعل مع أنه في المواضع الثلاثة هو الوصف من ضاق يضيق، فهو ضيق.
والجواب عن هذا هو أنه تقرر في فن الصرف أن جميع أوزان الصفة المشبهة باسم الفاعل إن قصد بها الحدوث والتجدد جاءت على وزن فاعل مطلقًا، كما أشار له ابن مالك في لاميته بقول:
وفاعل صالح للكل إن قصد الـ ... ـحدوث نحو غدا ذا جاذل جذلا
وإن لم يقصد به الحدوث والتجدد بقي على أصله.
وإذا علمت ذلك فاعلم أن قوله تعالى في سورة هود:{فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ} أريد به أنه يحدث له ضيق الصدر، ويتجدد له بسبب عنادهم وتعنتهم في قولهم: {لَوْلَا أُنْزِلَ