راجع لأهل السموات والأرض المفهومين من قوله تعالى:{لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. وقيل: الضمير في قوله: {مَا لَهُمْ} راجع لمعاصري النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - من الكفار؛ ذكره القرطبي. وعلى كل حال فقد دلت الآيات المتقدمة أن ولاية الجميع لخالقهم جل وعلا، وأن منها ولاية ثواب وتوفيق وإعانة، وولاية ملك وقهر ونفوذ مشيئة. والعلم عند الله تعالى.
• قوله تعالى: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)}. قرأ هذا الحرف عامة السبعة ما عدا ابن عامر:{وَلَا يُشْرِكُ} بالياء المثناة التحتية، وضم الكاف على الخبر، ولا نافية، والمعنى: ولا يشرك الله جل وعلا أحدًا في حكمه، بل الحكم له وحده جل وعلا، لا حكم لغيره ألبتة، فالحلال ما أحله تعالى، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، والقضاء ما قضاه. وقرأه ابن عامر من السبعة:"ولا تُشْركْ" بضم التاء المثناة الفوقية وسكون الكاف بصيغة النَّهي، أي: لا تشرك يا نبي الله، أو لا تشرك أيها المخاطب أحدًا في حكم الله جل وعلا، بل أخلص الحكم لله من شوائب شرك غيره في الحكم. وحكمه جل وعلا المذكور في قوله: {وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)} شامل لكل ما يقضيه جل وعلا. ويدخل في ذلك التّشريع دخولًا أوليًا.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من كون الحكم لله وحده لا شريك له فيه على كلتا القراءتين جاء مبينًا في آيات أخر؛ كقوله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، وقوله تعالى:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ .. } الآية، وقوله تعالى: {وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ