لم يبين هنا هذا الذنب الذي لهم عليه الذي يخاف منهم أن يقتلوه بسببه، وقد بين في غير هذا الموضع أن الذنب المذكور هو قتله لصاحبهم القبطي، فقد صرح تعالى بالقتل المذكور في قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (٣٣)} فقوله: {قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا} مفسر لقوله: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ} ولذا رتب بالفاء على كل واحد منهما قوله: {فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (١٤)}.
وقد أوضح تعالى قصة قتل موسى له بقوله في القصص:{وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ} وقوله: {فَقَضَى عَلَيْهِ} أي: قتله، وذلك هو الذنب المذكور في آية الشعراء هذه.
وقد بين تعالى أنه غفر لنبيه موسى ذلك الذنب المذكور، وذلك في قوله تعالى:{قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَغَفَرَ لَهُ} الآية.