العقول من طلبة العلم، ليتخذوا بذلك أتباعًا وخدمًا، وأموالًا وجاهًا، وهم بمعزل عن مذهب الصوفية الحق، لا يعملون بكتاب الله ولا بسنة نبيه، واستعمارهم لأفكار ضعاف العقول أشد من استعمار كل طوائف المستعمرين. فيجب التباعد عنهم، والاعتصام من ضلالتهم بكتاب الله وسنة نبيه، ولو ظهر على أيديهم بعض الخوارق، ولقد صدق من قال:
إذا رأيت رجلًا يطير ... وفوق ماء البحر قد يسير
ولم يقف عند حدودِ الشرع ... فإنه مُسْتدرج أو بِدعي
والقول الفصل في ذلك هو قوله تعالى: {لَيسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (١٢٣) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (١٢٤) وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا}، فمن كان عمله مخالفًا للشرع كمتصوفة آخر الزمان فهو الضال، ومن كان عمله موافقًا لما جاء به نبينا عليه الصلاة والسلام فهو المهتدي. نرجو الله تعالى أن يهدينا وإخواننا المؤمنين، وألا يزيغنا ولا يضلنا عن العمل بكتابه وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - التي هي محجة بيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال بعض أهل العلم:"لا" في قوله: {أَلَّا تَتَّبِعَنِ} زائدة للتوكيد. واستدل من قال ذلك بقوله تعالى في "الأعراف": {قَال مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ} قال لأن المراد: ما منعك أن تسجد إذ أمرتك؛