قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا}، وفي سورة النمل في الكلام على قوله تعالى:{وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ}.
ما ذكره جل وعلا في الآية الكريمة من كونه ليس بظلام للعبيد، ذكره في مواضع أخر، كقوله تعالى في سورة آل عمران: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٨٢) الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا} الآية، وقوله في الأنفال: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٥١) كَدَأْبِ آل فِرْعَوْنَ} الآية، وقوله في الحج: {ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (١٠) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ} الآية، وقوله في سورة ق: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٢٩)}.
وفي هذه الآيات سؤال معروف، وهو أن لفظة "ظلَّام" فيها صيغة مبالغة، ومعلوم أن نفي المبالغة لا يستلزم نفي الفعل من أصله؛ فقولك مثلًا: زيد ليس بِقَتَّالٍ للرجال، لا ينفي إلا مبالغته في قتلهم، فلا ينافي أنه ربما قتل بعض الرجال.
ومعلوم أن المراد بنفي المبالغة في الآيات المذكورة هو نفي الظلم من أصله.