أمر تعالى في هذه الآية نبيه - صلى الله عليه وسلم - بتبليغ ما أنزل إليه، وشهد له بالامتثال في آيات متعددة، كقوله:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} وقوله: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ} وقوله: {فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَمَا أَنْتَ بِمَلُومٍ (٥٤)} ولو كان يمكن أن يكتم شيئاً لكتم قوله تعالى: {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ} فمن زعم أنه - صلى الله عليه وسلم - كتم حرفاً مما أنزل عليه فقد أعظم الافتراء على الله، وعلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن بني إسرائيل عموا وصموا مرتين، تتخللهما توبة من الله عليهم، وبين تفصيل ذلك في قوله:{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرائيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ} الآية، فبين جزاء عماهم وصممهم في المرة بقوله:{فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ} وبين جزاء عماهم وصممهم في المرة الآخرة بقوله: {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً (٧)} وبين التوبة التي بينهما بقوله: {ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ