بالطيب المذكور والتلذذ بريحته، واستطابته، واستحسانه مع أنه مسكر والله يصرح في كتابة بأن الخمر رجس فيه ما فيه، فليس للمسلم أن يتطيب بما يسمع ربه يقول فيه:{فَإِنَّهُ رِجْسٌ}، كما هو واضح، ويؤيده أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بإراقة الخمر، فلو كانت فيها منفعة أخرى لبينها، كما بين جواز الانتفاع بجلود الميتة، ولما أراقها.
واعلم أن ما استدل به سعيد بن الحداد القروي على طهارة عين الخمر بأن الصحابة أراقوها في طرق المدينة، ولو كانت نجسة لما فعلوا ذلك، ولنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، كما نهاهم عن التخلي في الطرق لا دليل له فيه، فإنها لا تعم الطرق، بل يمكن التحرز منها؛ لأن المدينة كانت واسعة، ولم تكن الخمر كثيرة جداً بحيث تكون نهراً، أو سيلاً في الطرق يعمها كلها، وإنما أريقت في مواضع يسيرة يمكن التحرز منها. قاله القرطبي وهو ظاهر.
• قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ} هذه الآية الكريمة يفهم من دليل خطابها، أي: مفهوم مخالفتها أنهم إن حلوا من إحرامهم جاز لهم قتل الصيد، وهذا المفهوم مصرح به في قوله تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} يعني إن شئتم كما تقدم إيضاحه في أول هذه السورة الكريمة.
• قوله تعالى:{وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً} الآية. ذهب جمهور العلماء إلى أن معنى هذه الآية الكريمة: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً لقتله ذاكراً لاحرامه. وخالف مجاهد -رحمه الله- الجمهور قائلاً: إن معنى الآية: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً لقتله في حال كونه ناسياً لإحرامه. واستدل لذلك بقوله تعالى:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ} كما سيأتي