مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إلا نَذِيرٌ لَكُمْ بَينَ يَدَي عَذَابٍ شَدِيدٍ (٤٦)}، وقوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩) أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ (٧٠)} إلى غير ذلك من الآيات المبينة إبطال كل ما ادعوه في النبي - صلى الله عليه وسلم - والقرآن. وقوله:{أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ} أي أخلاط كالأحلام المختلفة التي يراها النائم ولا حقيقة لها؛ كما قال الشاعر:
أحاديث طسم أو سراب بفدفد ... ترقرق للساري وأضغاث حالم
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار اقترحوا على نبينا أن يأتيهم بآية كآيات الرسل قبله؛ نحو ناقة صالح، وعصى موسى، وريح سليمان، وإحياء عيسى للأموات وإبرائه الأكمه والأبرص، ونحو ذلك. وإيضاح وجه التشبيه في قوله: {كَمَا أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ (٥)} هو أنه في معنى: كما أتى الأولون بالآيات -لأن إرسال الرسل متضمن للإتيان بالآيات- فكذلك أرسل محمد - صلى الله عليه وسلم - بالمعجزة. وقد بين تعالى أن الآيات التي اقترحوها لو جاءتهم ما آمنوا، وأنها لو جاءتهم وتمادوا على كفرهم أهلكهم الله بعذاب مستأصل؛ كما أهلك قوم صالح لما عقروا الناقة؛ كقوله تعالى:{وَمَا مَنَعَنَا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآيَاتِ إلا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَينَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا} الآية، وكقوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُشْعِرُكُمْ أَنَّهَا إِذَا جَاءَتْ لَا يُؤْمِنُونَ (١٠٩)}. وأشار إلى ذلك هنا في قوله: {مَا آمَنَتْ