معنى: لا تكون فتنة، أي: لا يبقى مشرك؛ لأن الدين لا يكون كله للَّه ما دام في الأرض مشرك كما ترى.
وأما السنَّة ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلَّا الله" الحديث. فقد جعل - صلى الله عليه وسلم - الغاية التي ينتهي إليها قتاله للناس هي شهادة ألا إله إلَّا الله، وأن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وهو وأضح في أن معنى: لا تكون فتنة: لا يبقى شرك، فالآية والحديث كلاهما دال على أن الغاية التي ينتهي إليها قتال الكفار هي ألا يبقى في الأرض شرك، إلَّا أنه تعالى في الآية عبر عن هذا المعنى بقوله:{حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ} وقد عبر - صلى الله عليه وسلم - بقوله:"حتى يشهدوا ألا إله إلَّا الله" فالغاية في الآية والحديث واحدة في المعنى، كما ترى.
الرابع: هو إطلاق الفتنة على الحجة في قوله تعالى: {ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣)} أي: لم تكن حجتهم، كما قاله غير واحد. والعلم عند الله تعالى.
قد دلت هذه الآية الكريمة على أن نبي الله صالحًا عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام نفعه الله بنصرة وليه، أي: أوليائه؛ لأنه مضاف إلى معرفة، ووجه نصرتهم له أن التسعة المذكورين في قوله تعالى: {وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ (٤٨) قَالُوا تَقَاسَمُوا} أي: تحالفوا باللَّه (لنبيتنه) أي: لنباغتنه بياتًا، أي: ليلًا فنقتله ونقتل أهله معه {ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ} أي: أوليائه وعصبته {مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ} أي: ولا مهلكه هو. وهذا يدل على أنهم