وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٨٢)} وهم على أصولهم في الهمزتين، فنافع وابن كثير وأبو عمرو، يسهلون الثانية، والباقون يحققونها، وأدخل قالون، وأبو عمرو وهشام عن ابن عامر ألفًا بين الهمزتين. وقرأ الباقون بالقصر دون الألف. وقرأ نافع وحمزة والكسائي وحفص عن عاصم:(متنا) بكسر الميم، والباقون: بضم الميم. وقد قدمنا في سورة مريم في الكلام على قوله تعالى:{قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا} الآية. وجه كسر الميم في إسناد الفعل الذي هو مات إلى تاء الفاعل، وبينا أنه يخفى على كثير من طلبة العلم. وأوضحنا وجهه غاية مع بعض الشواهد العربية، فأغنى ذلك عن إعادته هنا.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الكفار المنكرين للبعث قالوا: إنهم وعدوا بالبعث، ووعد به آباؤهم من قبلهم. والظاهر أنهم يعنون أجدادهم الذين جاءتهم الرسل، وأخبرتهم بأنهم يبعثون بعد الموت للحساب والجزاء، وقالوا: إن البعث الذي وعدوا به هم وآباؤهم كذب لا حقيقة له، وأنه ما هو إلَّا أساطير الأولين، أي: ما سطروه وكتبوه من الأباطيل والترهات. والأساطير: جمع أسطورة، وقيل: جمع أسطارة. وهذا الذي ذكوه عنهم من إنكارهم البعث ذكر مثله في سورة النمل في قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا وَآبَاؤُنَا أَئِنَّا لَمُخْرَجُونَ (٦٧) لَقَدْ وُعِدْنَا هَذَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٦٨)} ثم إنه تعالى أقام البرهان على البعث الذي أنكروه في هذه الآية بقوله: {قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤)} إلى قوله: {فَأَنَّى تُسُحَرُونَ} لأن من له الأرض، ومن فيها، ومن هو