للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ .. } الآية.

وقوله: {وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} يدل على أنه لم يقع فيه تغيير ولا تبديل في طريق إنزاله؛ لأن الرسول المؤتمن على إنزاله قوي لا يغلب عليه حتى يغير فيه، أمين لا يغير ولا يبدل، كما أشار إلى هذا بقوله: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (١٩٣) عَلَى قَلْبِكَ} الآية، قوله {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ (٢١)} الآية، وقوله في هذه الآية: {لَقَوْلُ رَسُولٍ} أي: لتبليغه عن ربه، بدلالة لفظ الرسول؛ لأنه يدل على أنه مرسل به.

• قوله تعالى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ} قرأ هذا الحرف عامة القراء {فَرَقْنَاهُ} بالتخفيف، أي: بيناه وأوضحناه، وفصلناه وفرقنا فيه بين الحق والباطل. وقرأ بعض الصحابة {فَرَقْنَاهُ} بالتشديد، أي: أنزلناه مفرقًا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة. ومن إطلاق فرق بمعنى بين وفصل قوله تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (٤) .. } الآية.

وقد بين جل وعلا أنه بين هذا القرآن لنبيه، ليقرأه على الناس على مكث، أي: مهل وتؤدة وتثبت، وذلك يدل على أن القرآن لا ينبغي أن يقرأ إلا كذلك، وقد أمر تعالى بما يدل على ذلك في قوله: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (٤)} ويدل لذلك أيضًا قوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢)}.

وقوله تعالى: {وَقُرْآنًا} منصوب بفعل محذوف يفسره ما بعده، على حد قوله في الخلاصة: