وقد علم من هذه الآيات: أن النار تعرض عليهم ويعرضون عليها؛ لأنها تقرب إليهم ويقربون إليها؛ كما قال تعالى في عرضها عليهم هنا: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (١٠٠)}، وقال في عرضهم عليها:{وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ .. } الآية، ونحوها من الآيات. وقد بينا شيئًا من صفات عرضهم دلت عليه آيات أخر من كتاب الله في الكلام على قوله تعالى:{وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا}. وقول من قال: إن قوله هنا: {وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ} الآية فيه قلب، وأن المعنى: وعرضنا الكافرين لجهنم، أي عليها = بعيد، كما أوضحه أبو حيان في البحر. والله تعالى أعلم.
التحقيق في قوله:{الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ} أنه في محل خفض نعتًا للكافرين. وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن من صفات الكافرين الذين تعرض لهم جهنم يوم القيامة، أنهم كانت أعينهم في دار الدنيا في غطاء عن ذكره تعالى، وكانوا لا يستطيعون سمعًا. وقد بين هذا من صفاتهم في آيات كثيرة، كقوله في تغطية أعينهم:{وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ .. } الآية، وقوله:{وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً .. } الآية، وقوله:{أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى}، وقوله: {وَمَا يَسْتَوي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (١٩) .. } الآية، والآيات بمثل ذلك كثيرة جدًا. وقال في عدم استطاعتهم السمع: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣)}، وقال:{إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا}. وقد بينا معنى كونهم لا