وقدر ذلك أربعون سنة، فعرفوا صدقه، وأمانته، وعدله، وأنه بعيد كل البعد من أن يكون كاذبًا على الله تعالى، وكانوا في الجاهلية يسمونه الأمين، وقد ألقمهم الله حجرًا بهذه الحجة في موضع آخر، وهو قوله: {أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ (٦٩)} ولذا لما سأل هرقل ملك الروم أبا سفيان، ومن معه عن صفاته - صلى الله عليه وسلم -، قال هرقل لأبي سفيان: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قال أبو سفيان: فقلت: لا. وكان أبو سفيان في ذلك الوقت زعيم الكفار، ورأس المشركين ومع ذلك اعترف بالحق، والحق ما شهدت به الأعداء، فقال له هرقل: فقد أعرف أنه لم يكن ليدع الكذب على الناس، ثم يذهب فيكذب على الله اه.
ولذلك وبخهم الله تعالى بقوله هنا: {أَفَلَا تَعْقِلُونَ (١٦)}.