اعلم أولًا: أن في هذا الحرف قراءتين سبعيتين: قرأه نافع وحفص عن عاصم وحمزة والكسائي {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} بكسر الميم على أن {مِنْ} حرف جر، وخفض تاء {تَحْتِهَا}؛ لأن الظرف مجرور بـ {مِنْ}. وقرأه ابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وشعبة عن عاصم، (فناداها مَنْ تَحْتَها) بفتح ميم (مَن) على أنه اسم موصول هو فاعل نادى، أي ناداها الذي تحتها. وفتح (تَحْتَها)، فعلى القراءة الأولى ففاعل النداء ضمير محذوف. وعلى الثانية فالفاعل الاسم الموصول الذي هو (مَن).
وإذا عرفت هذا فاعلم أن العلماء مختلفون في هذا المنادى الذي ناداها، المعبَّرُ عنه في إحدى القراءتين بالضمير، وفي الثانية بالاسم الموصول من هو؟ فقال بعض العلماء: هو عيسى. وقال بعض العلماء: هو جبريل. وممن قال: إن الذي نادى مريم هو جبريل: ابن عباس، وعَمْرو بن ميمون الأودي، والضحاك، وقتادة، والسدي، وسعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه. وأهل هذا القول قالوا: لم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها.
وممن قال: إن الذي ناداها هو عيسى عندما وضعته: أُبيٌّ، ومجاهد، والحسن، ووهب بن منبه، وسعيد بن جبير في الرواية الأخرى عنه، وابن زيد.
فإذا علمت ذلك فاعلم أن من قال: إنه الملك يقول: فناداها جبريل من مكان تحتها؛ لأنها على ربوة مرتفعة، وقد ناداها من