ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن أصحاب الكهف ليس لهم ولي من دونه جل وعلا، بل هو وليهم جل وعلا. وهذا المعنى مذكور في آيات أخر، كقوله تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، وقوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٢)} فبين أنَّه ولي المؤمنين، وأن المؤمنين أولياؤه، والولي: هو من انعقد بينك وبينه سبب يواليك وتواليه به. فالإيمان سبب يوالي به المؤمنون ربهم بالطاعة، ويواليهم به بالثواب والنصر والإعانة.
وبين في مواضع أخر: أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض، كقوله:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا .. } الآية، وقوله:{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ .. } الآية. وبين في مواضع أخر: أن نبينا - صلى الله عليه وسلم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو قوله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ}.
وبين في موضع آخر: أنَّه تعالى مولى المؤمنين دون الكافرين، وهو قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}. وهذه الولاية المختصة بالمؤمنين هي ولاية الثواب والنصر والتوفيق والإعانة، فلا تنافي أنَّه مولى الكافرين ولاية ملك وقهر ونفوذ مشيئة، كقوله: {وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٣٠)}. وقال بعض العلماء: الضمير في قوله: {مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ}