للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

• قوله تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (٧٢)}.

ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه عرض الأمانة - وهي التكاليف، مع ما يتبعها من ثواب وعقاب - على السماوات والأرض والجبال، وأنهن أبين أن يحملنها، وأشفقن منها، أي: خفن من عواقب حملها أن ينشأ لهن من ذلك عذاب الله وسخطه، وهذا العرض والإِباء، والإِشفاق كله حق، وقد خلق الله للسماوات والأرض والجبال إدراكًا يعلمه هو جل وعلا، ونحن لا نعلمه، وبذلك الإِدراك أدركت عرض الأمانة عليها، وأبت وأشفقت، أي: خافت.

ومثل هذا تدل عليه آيات وأحاديث كثيرة، فمن الآيات الدالة على إدراك الجمادات المذكور قوله تعالى في سورة البقرة في الحجارة: {وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} فصرح بأن من الحجارة ما يهبط من خشية الله، وهذه الخشية التي نسبها الله لبعض الحجارة بإدراك يعلمه هو تعالى.

ومن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} الآية. ومنها قوله تعالى: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} الآية. إلى غير ذلك من الآيات.

ومن الأحاديث الصحيحة الدالة على ذلك قصة حنين الجذع الذي كان يخطب عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انتقل بالخطبة إلى المنبر، وهي في صحيح البخاري وغيره.