لأن إيجاب إضافة العلم إلى اللقب مع اتحادهما في المعنى إن كانا مفردين المستلزم للتأويل، ومنع الاتباع الذي لا يحتاج إلى تأويل = دليل على أن ذلك من أساليب اللغة العربية، ولو لم يكن من أساليبها لوجب تقديم ما لا يحتاج إلى تأويل على المحتاج إلى تأويل كما ترى. وعلى هذا الوجه من التفسير: فالمعنى: فمحونا الآية التي هي الليل، وجعلنا الآية التي هي النهار مبصرة، أي: جعلنا الليل ممحو الضوء مطموسه، مظلمًا لا تستبان فيه الأشياء كما لا يستبان ما في اللوح الممحو، وجعلنا النهار مبصرًا، أي: تبصر فيه الأشياء وتستبان.
وقوله في هذه الآية الكريمة: {وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (١٢)} تقدم إيضاحه، والآيات الدالة عليه في سورة "النحل" في الكلام على قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ .. } الآية.
في قوله جل وعلا في هذه الآية الكريمة:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ} وجهان معروفان من التفسير:
الأول: أن المراد بالطائر: العمل، من قولهم: طار له سهم إذا خرج له، أي: ألزمناه ما طار له من عمله.
الثاني: أن المراد بالطائر ما سبق له في علم الله من شقاوة أو سعادة. والقولان متلازمان؛ لأن ما يطير له من العمل هو سبب ما يئول إليه من الشقاوة أو السعادة.