للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعينها، بدليل قوله في موضع آخر: {وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ} بالتعريف، والآخرة نعت للدار، وقوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (١٦)} والحبل هو الوريد، وقوله: {وَمَكْرَ السَّيِّئِ .. } الآية، والمكر هو السيء بدليل قوله: {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ}.

ومن أمثلته في كلام العرب قول امرئ القيس:

كَبِكْر المُقاناة البياض بصفرة ... غذاها نمير الماء غير المحلل

لأن المقاناة هي البكر بعينها، وقول عنترة في معلقته:

ومشكّ سابغة هتكتُ فروجها ... بالسيف عن حامي الحقيقة معلم

لأن مراده بالمشك: السابغة بعينها؛ بدليل قوله: هتكت فروجها لأن الضمير عائد إلى السابغة التي عبر عنها بالمشك.

وقد أوضحنا هذه المسألة في كتابنا (دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب) في سورة فاطر. وبينا أن الذي يظهر لنا: أن إضافة الشيء إلى نفسه مع اختلاف لفظ المضاف والمضاف إليه، أسلوب من أساليب اللغة العربية؛ لأن تغاير اللفظين ربما نزل منزلة التغاير المعنوي، لكثرة الإضافة المذكورة في القرآن، وفي كلام العرب. وجزم بذلك ابن جرير في بعض مواضعه في القرآن، وعليه فلا حاجة إلى التأويل المشار إليه بقوله في الخلاصة:

ولا يضاف اسم لما به اتحد ... معنى وأول موهمًا إذا ورد

ومما يدل على ضعف التأويل المذكور قوله:

وإن يكونا مفردين فأضف ... حتمًا وإلا أتبع الذي ردف