ولا يجار عليه كما صرح بذلك في سورة {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ} في قوله: {قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨)}. والعرب تقول: أنا جار لك وصاحب من فلان؛ أي مجير لك منه. ومنه قول الشاعر:
يعتي ليجار ويغاث منا. وأغلب أقوال العلماء في الآية راجعة إلى ما ذكرنا؛ كقول بعضهم: {يُصْحَبُونَ (٤٣)} يمنعون. وقول بعضهم: ينصرون. وقول بعضهم: {وَلَا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ (٤٣)} أي لا يصحبهم الله بخير، ولا يجعل الرحمة صاحبًا لهم. والعلم عند الله تعالى.
الظاهر أن الإضراب بـ {بَلْ} في هذه الآية الكريمة انتقالي، والإشارة في قوله:{هَؤُلَاءِ} راجعة إلى المخاطبين من قبل في قوله: {قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ} الآية، وهم كفار قريش، ومن اتخذ آلهة من دون الله. والمعنى: أنه متع هؤلاء الكفار وآباءهم قبلهم بما رزقهم من نعيم الدنيا حتى طالت أعمارهم في رخاء ونعمة، فحملهم ذلك على الطغيان واللجاج في الكفر.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة: من أنه تعالى يمهل الكفار ويملي لهم في النعمة، وأن ذلك يزيدهم كفرًا وضلالًا؛ جاء موضحًا في مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى، كقوله: {وَلَا يَحْسَبَنَّ