ذكر جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الذين لا يرجون لقاء الله قالوا: لولا أنزل علينا الملائكة، أو نرى ربنا. ولولا في هذه الآية للتحضيض.
والمعنى أنهم طلبوا بحث وشدة أن تنزل عليهم الملائكة أو يرون ربهم. وهذا التعنت الذي ذكره الله عنهم هنا من طلبهم إنزال الملائكة عليهم، أو رؤيتهم ربهم ذكره في غير هذا الموضع، كقوله تعالى: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢)} وقولهم: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلَائِكَةُ} قيل: فتوحي إلينا كما أوحت إليك. وهذا القول يدل له قوله تعالى:{قَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ} الآية، وقيل: لولا أنزل علينا الملائكة فنراهم عيانًا. وهذا يدل له قوله تعالى: {أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا (٩٢)} أي: معاينة، على القول بذلك. وقد قدمنا الأقوال في ذلك في سورة بني إسرائيل.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: لا يرجون. قال بعض العلماء: لا يرجون، أي: لا يخافون لقاءنا؛ لعدم إيمانهم بالبعث. والرجاء يطلق على الخوف كما يطلق على الطمع. قال بعض العلماء: ومنه قوله تعالى: {مَا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا (١٣)} قال: أي: لا تخافون للَّه عظمة، ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها ... وخالفها في بيت نوب عواسل