فهو أمر عام، يستوجب أمن من دخل الحرم، وعدم التعرض له بسوء، وبعموم النصوص الدالة على تحريم الحرم.
واستدلوا أيضًا بآثار عن بعض الصحابة، كما روي عن ابن عباس أنَّه قال في الذي يصيب حدًا ثم يلجأ إلى الحرم: يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم. قال المجد في المنتقى: حكاه أحمد في رواية الأثرم.
وهذ ملخص أقوال أهل العلم، وأدلتهم في هذه المسألة.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: الذي يظهر - واللَّه تعالى أعلم - أن أجري هذه الأقوال على القياس قول من قال: يستوفى من اللاجئ إلى الحرم كل حق وجب عليه شرعًا، قتلًا كان أو غيره، لأن إقامة الحدود واستيفاء القصاص مما أوجبه الله، وفعل ذلك طاعة، وتقرب إليه، وليس في طاعة الله وامتثال أمره انتهاك لحرمة حرمه. وأجراها على الأصول، وهو أولاها هو الجمع بين الأدلة، وذلك بقول من قال: يضيق على الجاني اللاجئ إلى الحرم، فلا يباع له، ولا يشترى منه، ولا يجالس، ولا يكلم حتى يضطر إلى الخروج، فيستوفى منه حق الله إذا خرج من الحرم، لأن هذا القول جامع بين النصوص، فقد جمع بين استيفاء الحق، وكون ذلك ليس في الحرم، وفي هذا خروج من الخلاف. والعلم عند الله تعالى. ولنكتف بما ذكرنا من أحكام هذه الآية.