المراد بالفرقان المخرج يشهد له قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (٢)} الآية. والقول بأنه النجاة أو النصر راجع في المعنى إلى هذا؛ لأن من جعل الله له مخرجاً أنجاه ونصره، لكن الذي يدل القرآن واللغة على صحته في تفسير الآية المذكورة هو قول ابن إسحاق؛ لأن الفرقان مصدر زيدت فيه الألف والنون وأريد به الوصف أي الفارق بين الحق والباطل، وذلك هو معناه في قوله:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ} أي: الكتاب الفارق بين الحق والباطل، وقوله:{وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} وقوله: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ} وقوله: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} ويدل على أن المراد بالفرقان هنا: العلم الفارق بين الحق والباطل قوله تعالى في الحديد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ} الآية. لأن قوله هنا:{وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ} يعني: علماً وهدى تفرقون به بين الحق والباطل.
ويدل على أن المراد بالنور هنا الهدى، ومعرفة الحق قوله تعالى فيمن كان كافراً فهداه الله:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ} الآية. فجعل النور المذكور في الحديد: هو معنى الفرقان المذكور في الأنفال كما ترى، وتكفير السيئات والغفران المرتب على تقوى الله في آية الأنفال، كذلك جاء مرتباً أيضاً عليها في آية الحديد، وهو بيان واضح كما ترى.