لبيان قراءةٍ غير شاذة، فتبين أن الموعود بالمغفرة والرحمة هو المعذور بالإِكراه دون المكره؛ لأنه غير معذور في فعله القبيح، وذلك البيان المذكور بقوله:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}.
وقال الزمخشرى في تفسير هذه الآية الكريمة: فإن قلت: لا حاجة إلى تعليق المغفرة بهن؛ لأن المكرهة على الزنى بخلاف المكره عليه في أنها غير آثمة.
قلت: لعل الإِكراه كان دون ما اعتبرته الشريعة من إكراه بقتل، أو بما يخاف منه التلف، أو ذهاب العضو من ضرب عنيف أو غيره، حتى يسلم من الإِثم، وربما قصرت عن الحد الذي تعذر فيه فتكون آثمة. انتهى منه.
والذي يظهر أنه لا حاجة إليه؛ لأن إسقاط المؤاخذة بالإِكراه يصدق عليه أنه غفران ورحمة من الله بعبده. والعلم عند الله تعالى.
ذكر الله جلَّ وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه أنزل إلينا على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم - آيات مبينات، ويدخل فيها دخولًا أوليًا الآيات التي بينت في هذه السورة الكريمة، وأوضحت في معاني الأحكام والحدود. ودليل ما ذكر من القرآن قوله تعالى: {سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١)} ولا شك أن هذه الآيات المبينات المصرح بنزولها في هذه السورة الكريمة داخلة في قوله تعالى هنا: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ} الآية.